بقلم: هشام. ج
منذ أن تم اخراجه للواجهة السياسية سنة 1994 لم يعمد أحمد أويحي الى تسويق
شخصيته كما يفعل في هاته الأيام ، حتى في أسوء أيامه التي كان فيها يفتخر أنه رجل
مهمات قذره ’ كان الرجل يمضي في مساره المهني و السياسي من منطلق الثقة بتلك
الدولة العميقة التي قذفت به من اداري مغمور الى واجهة رجال الدولة الأقوياء ،
صنعت منه رجل المهمات ، رجل التفاوض ، رجل المرحلة ، في كل حال كان رجل الدولة
العميقة و ممثلها في مؤسسات الدولة ، لم يهتم يوما لشعبية أوما شابه ،كان اهتمامه
منحصرا في أن يكون رجل الثقة و رجل النظام ورجل الدولة العميقة التي كثيرا ما
افتخر بدعمها له وحرص على تنفيذ أجندتها في مختلف الظروف والمراحل ، وأن كان دوما
يحرص في خرجاته الأعلامية أن يكون مرنا في تعاطيه مع الأعلام و الصحافة الا أنه
كان دوما رجلا بليدا لا يهتم لمفاهيم الترويج السياسي أو التسويق لشخصيته المثيرة للغرابة
في بعض خرجاتها و المراوغ في طرحه.
لم يكن أحمد أويحي سوى مجرد اطار تخرج من المدرسة الوطنية للادارة ، خمس
سنوات قضاها هناك ، يعتبر من مهندسي المدرسة لأنه أعاد السنة مرة واحدة في حين أن
نظام المدرسة كان أربع سنوات فقط ، من دفعته كثيرين ممن هم أحسن منه وأكفأ ، بل
أنه خلال مسارة الدراسي كان طالبا عاديا ،وما كان أداءه للخدمة الوطنية برئاسة
الجمهورية سوى محطة فاصلة في حياة الرجل ، ومن هناك كانت الانطلاقة الفعلية للسي
أحمد ، الذي هو اليوم يحلم أن يكون الموسطاش رقم 2 بتاريخ الجزائر ،أمضى الرجل
سنوات طويلة في مهمات متفرقة بين العمل الديبلوماسي والاداري ، وحين تم زرعه في
رئاسة الجمهورية كان أويحي أحمد يدرك أنه دخل عالم الكبار و أن القدر يقذف به الى
مصاف المقاعد المتقدمة بدولتنا العتيدة ، وكانت الأزمة التي عرفتها الجزائر فرصة
ليكون في واجهة نظام يعيش فترة انتقالية و أزمة أمنية اقتصادية وسياسية قاسية ،
فكان يخوض في الملف الأمني و السياسي و الاقتصادي و أثبت أيضا قدرا من الوفاء لخط
الدولة العميقة الذي رسمته له .
مرت السنون ،
وتولى المناصب السامية و أشرف على الانتخابات الرئاسية لسنة 1995 والتي رسمت
الجنرال اليمين زروال رئيسا للجمهورية وكان ولائه الدائم للجهة التي دعمته و
أوصلته وفرضته ، رئيسا للحكومة ، وزيرا في جميع الحكومات ، و لعل دخوله لعالم
السياسة من بوابة حزب ولد بشوارب وهو التجمع الوطني الديمقراطي كان أيضا ضمن مسار
رسم للرجل كلقاء للقدر ، وكانت سنوات حكم الرئيس زروال شبيهة بالسنوات الذهبية
للرجل فخلال تلك الحقبة كان أحمد أويحي يخوض بطلاقة وحرية في العديد من ملفات
الدولة ويشارك ايضا في صناعة القرار فيما تعلق بالوضع العام للبلاد ، و توالت
السنون و كان مجيئ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للحكم كلقاء الأقدار الذي تلاقت فيها
طموحاته مع قدر التاريخ ، وكان الرجل ينتقل عبر مراحل الوطن من مهمة لأخرى دون
اهتمام بالترويج السياسي وحتى في خطبه كان يحاول أن يكون فقط رجل الاقتصاد و
المنطق و الواقعية ، و كانت صراحته ومكاشفته وجرأته على الخوض في ملفات عديدة
بصراحة هي ميزته ، بل أن لهجته تجاه الشعب كثيرا ما كانت تحوي نظرة دونية للجزائري
الكسول والجزائري الذي لا يدفع الضرائب و الجزائري الذي يريد أن يعيش في يومياته
جميعا بالمجان ، كان السي أحمد ولسان حاله يقول : أنا مدعوم و باق في منصبي ومكلف
بمهمة و لا يهمني لا شعبية غوغائية و لا دعم اعلام ولا حب معجبين أو معجبات ، هو
السي أحمد قضى في ثلثي عهده بالعالم السياسي دون اي اهتمام بالتسويق السياسي ،
فمالذي جرى حتى صرنا نرى السي أحمد كثيرا ما يعمد الى وسائل الاتصال الحديثة ليروج
لشخصيته ، ولعل حديثه بالانجليزية يوما ما وهو يقرأ من ورقة يبدو أنه عجز عن حفظ
محتواها فجعل ناظريه يعودان اليها حين المخاطبة دليل أن الرجل في استعجال الزمن أو
في استعجال القدر يريد أن يروج شخصيته لدى جهة ما ، وحين نراجع خرجات السي أحمد و
ما يتم نشره من تصريحات و خرجات اعلامية للرجل نتأكد أن أحمد أويحي استعان فعليا
بمتخصصين في الاعلام و الاتصال وهو يمارس التسويق لشخصيته عبر حزب التجمع الوطني
الديمقراطي كأمين عام وكرجل دولة ، وأن كان رده حول سؤال متعلق برغبته للترشح
للاستحقاق الرئاسي ب : أنه لقاء مع القدر ، يؤكد أن هاته الخرجات و الحملة
الاعلامية المركزة و المنظمة ليست متعلقة بأمين عام حزب يريد حوز أغلبية برلمانية
، بل هي حملة اعلامية ترويجية يريدها السيي أحمد أن تكون قاعدة للانطلاقة نحو لقاء
القدر ، وأي قدر ؟
... يتبع.
... يتبع.
التعليقات