بقلم: هشام .ج
يمكنكم قراءة الجزء الأول من هذا المقال: من هنا
خلال عهد الرئيس بوتفليقة كان أحمد أويحي دوما يؤدي مهمته التي أوكل بها بتفان
و أخلاص ، الى درجة أنه تساوى في المكانة و الثقة مع الامين العام الأسبق علي بن فليس
، سئل الرئيس يوما وهو خارج الوطن عن أقرب رجال الدولة عندها بالنسبة اليه وكان هذا
قبل 2003 فأجاب أنه يثق في شخصين بن فليس و أويحي ، لقد شكلا ثنائية الثقة ، وفي سنة
2002 ، حين حصد الأفلان أغلبية برلمانية كاسحة ، كان السي أحمد يواجه خصوما بداخله
الأرندي ، ويومها كان الحزب العتيد يحصد أغلبية الحقائب الوزارية و كان الارندي لا
يحوز سوى بعض الحقائب ومنها العدالة التي كانت لأحمد أويحي ، في احدى الليالي الحارة
في بن عكنون بالمقر الوطني للارندي انعقد المجلس الوطني ، وعلى صوت الخصوم في وجه السي
أحمد حتى رمى استقالته ، ركب سيارته و انطلق ، وكان السائق يشاهد ويسمع السي أحمد ويهو
يشعل سجارته ، و يطلق شتيمة بحق خصومه ويتمتم : عائد اليكم ، قد أرحل الأن لكني عائد
اليكم ، يومها بكته نوارة جعفر الوزيرة السابقة ، وذرفت دموع الحزن لرحيل السي أحمد
بهاته الطريقة المهينة ، سرعان ما كانت كلمة السر التي أعادته للقيادة ، كان الرئيس
شخصيا من تدخل و رفض أن يهان رجل مثل أويحي في حزبه بمثل تلك الطريقة ، كأن الرئيس
يومها أراد أحمد أويحي قويا في حزبه كمكرمة رئاسية لرجل لم يثبت بعد أي نوايا سيئة
أو تصرفات غير مسؤولة ، وكان انشقاق بن فليس عن خط الرئيس فرصة للرجل لتزداد حظوته
و مكانته ، و قوته بداخل أركان الدولة ، كان أحمد أويحي سعيدا وهو يعود لرئاسة الحكومة
سنة 2003 ، كان منتشيا بالقدر الذي ساق اليه خطايا بن فليس على طبق من ذهب ،فتجددت
فيه الثقة و كانت أزمة الأفلان فرصة له ليكون قائد قاطرة التحالف الرئاسي الذي نشأ
بتصحيحية الحزب العتيد بقيادة بلخادم و حمس و الارندي الذي صار له فيه ما شاء حيث أقصى
خصومه جميعا و أنهى تمردهم بحسم .
يعتبر أحمد أويحي رجلا براغماتيا ، في تصريحاته مرواغا و مناورا ماهرا ، صحيح
أنه يحاول أن يكون في حديثه رجل الأرقام و الاحصائيات ، لكن ذلك كله لا يدخل في اطار
التسويق بقدر ما ياتي في اطار محاولة التميز عن خطابات بقية السياسيين ، يجتهد أحمد
أويحي في أن يكون رجل الاقتصاد ، في حين أنه بحق رجل مؤامرات و رجل فك شيفرة تحالفات
النظام و تداخل ركائزه ، في سنة 2005 وحين تعرض الرئيس لوعكة صحية مفاجئة وخلال رحلته
العلاجية بالخارج ، عقد أحمد أويحي اجتماعا ضم كبار مسؤولي الدولة ، ويومها كان السي
أحمد في نهاية 2005 يمني النفس أن يكون له شأن في أعلى هرم الجمهورية ، كان الاجتماع
المصغر الذي عقده السي أحمد وصلت أنباءه لمسامع الرئيس الذي انزعج من هاته الطريقة
في التعامل مع حالة صحية عرضية لم تكن مهمة لدرجة عقد جلسات الكوسلة وكان أن تم استبداله
بعبد العزيز بلخادم في بداية 2006 في تعديل حكومي مفاجئ ، وتم تكليفه مرة أخرى بمهمة
تمثيل الرئيس و منصب وزير دولة ، و تجددت الاغلبية البرلمانية للحزب العتيد ، و أقر
الرئيس بوتفليقة خلال الخماسية الثانية و الثالثة من عهده سنة هي أن يكون منصب رئيس
الحكومة و الوزير الأول متبادلا بين رجلين هما أويحي و بلخادم ، في حين كان أحمد أويحي
في بعض قرارته و خيارته يعبر عن الرجل المعطل لبعض الاستثمارات و التوجهات الاقتصادية
للرئيس ، وكان تعطيله يكون بطريقة ذكية جدا وهي تعطيل تلك المشاريع و الصفقات خصوصا
فيما تعلق بالمستثمرين العرب الخليجيين الذين كان لهم الموسطاش بالمرصاد عبر سلسلة
قرارات و توجيهات فرملت الحضور العربي في مجال الاستثمار بالجزائر ، ولعل الأقدار التي
قذفت به بعيدا عن الجهاز التنفيذي هي أنه ورغم محاولته أن يبدو كرجل تنفيذي و اقتصادي
فشل في تحمل المسؤولية و تخلف عن أعطاء نفس جديد لجميع المخططات الخماسية التي أقرها
الرئيس بوتفليقة و عجزت مختلف الحكومات المتعاقبة على تطبيق مقرراته وكانت التقارير
التي تصل الرئيس بوتفليقة كثيرا ما تورد تلكأ الوزراء في الاهتمام بتنفيذ مقررات الخطط
الخماسي و عدم التزام الجهات التنفيذية الولائية عموما و المعنية بتحقيق التنمية المستدامة
، كان السي أحمد بعيدا جدا عن لغة التسويق لشخصيته بل أنه كان يكتفي بسعادته بثقة الرئيس
في شخصه و متعففا فيما تعلق بالترويج السياسي ، كذلك في الحملات الانتخابية للتشريعات
و الولائيات المختلفة لم يهتم كثيرا السي أحمد لفكرة التسويق ، كان في قرارة نفسه يتصور
أن الدعم من خفافيش الخفاء أهم من اي تسويق سياسي أو اعلامي ، حتى في تعاطيه مع الاعلام
كثيرا ما كان أويحي يتعاطى مع الصحفيين بازدراء و لعل عبارة : طيابات الحمام و الصحفي
الذي يكتب مقالا مقابل غذاء او وصل بنزين دليل دامغ أن الرجل لم يحترم يوما الاسرة
الاعلامية وفي أحسن حال كان ينافقها في عيدها العالمي او في تكريم بعض الصحفيات بمناسبة
عيد المرأة ، كان صديق شهاب القيادي الأسبق لشبكة التواصل الاجتماعي ، وكان أحمد أويحي
يردد لميلود شرفي أنه لا يهتم ولا يرغب في أن يكون ضمن هذا الفضاء الافتراضي سواءا
بصفة شخصية أوحزبية ، في حين كان مقارنة به الامين العام المخلوع عبد العزيز بلخادم
السباق الى التسويق لشخصيته عبر تنصيبه لعشرات لجان الاعلام و الاتصال وحرصه على مواكبة
التطورات التي عرفتها وسائل الاتصال الحديثة و برز هذا جليا في انتخابات 2012 ، في
حين كان السي أحمد وحزبه بعيدين عن التسويق السياسي الالكتروني مكتفين بالوسائل التقليدية
التعليقات