كلما زرت العاصمة، الا ومررت جنب هذا الشاهد الشامخ شموخ جبال الوتشريس و جرجرة ، شموخ رجال الجزائر.
لكنني وقفت أمام الملأ وهم يمرون عليه مر الكرام، لا يسلمون عليه ولا يكلمونه ، ضنا أنه مجرد تمثال صخري لا غير.
وقفت ورحت أكلمه واسأله ، لماذا يقف هنا في وجه البحر الذي تسلل. منه عدو لنا ذات حقبة؟
ماذا يحمل فوق ضخره ؟ما الذي يحني كاهله؟
وبينما انا التقط له صورة اعترافا بوجوده الضارب في اعماق تاريخ الجزائر، فإذا بشيخ طاعن في السن، لازالت ذاكرته لم تمت، وقال لي أتعرفه، أم تريد أن تتعرف على ،قلت لا، لكن هل لك أن تعرفني به ؟
قال ذاك صديق من أصدقائي الذين انفجرت عليهم قنبلة من طرف المنظمة السرية الفرنسية قبل شهرين من استقلال الجزائر وافتكاك مشعل الحرية.
هؤلاء كانوا يعملون في الميناء حمالين (دواكرة dockers ). وكانوا قد فاقوا العشرون عاملا.
سكت الشيخ ومضى في طريقه نحو الميناء وكأنه حن للماضي المرير.
تذكرت أبي رحمة الله عليه ، الذي كان هو أيضا عاملا بميناء الجزائر في سنة 1955 اين انقصم ضهره من اجلنا، تذكرت لما كان يحكي لي كيف يسهر على توزيع والصاق مناشير جبهة التحرير الوطني لما كان مناضلا في صفوفها.تنهدت وقلت رحمك الله أبي يا من كتمت جهادك. و نطرته لوجه الله في سبيل هذا الوطن.
عدت لأكلم تمثال الشموخ، فإذا به يقول مجيبا يا بني أنا أباك ،أقف هنا لأحرص على حراستكم من عدو قد يعود وأنتم في غفلة من أمركم، ؛اني اراهم بين ضهرانيكم تحملونه محمل الجد.
أما ما أحمله وأثقل كاهلي فهي همومكم التي لم تتنهي مذ استقليتم.
يا بني حرروا انفسكم من استعمار لا زال ولا يزل يعشش في عقولكم ففي ليلة أمس فقط سقطت علي نيران الفرحة برأس سنة ليست من عادات أبائكم...
تحرروا.
بقلم: رمضان بوشارب.
التعليقات