- 3 -
"يمكننا أن نستورد المصانع، لكن لايمكننا أن نستورد البشر"
- مالك بن نبي –
يقول تعالى في سورة الرعد /الآية 11/:
" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"
ويقول جلال الدين الرومي: "بالأمس كنت ذكياً فأردت أن أغيّر العالم .. اليوم أنا حكيم ولذلك سأغيّر نفسي . "
نقرأ هذه المقالة كثيراً على صفحات الفيس بوك ، ولكن هل فعلاً كان لها تأثير علينا ، هل حاولنا إسقاطها على واقعنا ؟
تغيير النفس يقود الانسان التغيير فى العالم أجمع لا يخفى على أحد ما تحتاجه مجتمعاتنا من تغيير للنمط كاملاً لذلك الإطار من التقاليد المجتمعية الخاطئة والتى أضحت تشكل هويتنا، وهى المنفذ للفشل الى داخلنا ..
فى البداية يستخدم مصطلح التنمية البشرية فى التعبيير عن عملية توسيع القدرات التعليمية ومجموع الخبرات للانسان وذلك للوصول إلى مستوى متطور من الإنتاج والدخل و تحسين فرصه فى الحياة وتوسعة خياراته، ولتحقيق ذلك ، يحتاج لاكتشاف طاقاته وتغيير نفسه . ويحتاج إلى الإرادة والرؤية والرغبة فى التغيير أيضاً .
ملاحظة : لن نشمل دور الدولة أو المؤسسة فى التغيير لأن الأفراد هم من يبنون الدول وليس العكس فبتطوير الفرد تتطور الدولة- سيقول البعض بأن دور الدولة مهم فمن بين أول مؤشرات التنمية البشرية تبرز الاوضاع السياسية المتمثلة فى عدم احتكار السلطة وتحقيق الديمقراطية وعندها سنسأل ببساطة سؤالاً واحداً مهماً سأله قبلنا الشاعر المعروف أحمد مطر: " هل فى الدنا قمامة يكون أدنى سفحها أنقى من القمة؟"
عذراً على التشبيه ولكنها الحقيقة المطلقة وإلا فمن أين خرج هؤلاء الفاسدين والمرتشين والمحتكرين ان لم يكونوا من بيننا ، إن لم يكونوا جزءاً من ثقافتنا .. وكما تكونوا يولى عليكم، واقتبس هنا ماذكره على عزت بيجوفيتش فى البيان الاسلامى حيث قال: (نستطيع أن نتبين في تاريخ عهد الخلفاء الراشدين الأربعة ، ولعله العهد الوحيد الذي شهد نظاماً إسلامياً أصيلاً، ثلاثة وجوه أساسية من المبدأ الجمهوري في الحكم ، وهي: رئيس دولة منتخب، مسؤولية رئيس الدولة أمام الشعب ، التزام كل من رئيس الدولة والشعب معاً بالعمل في الشئوون العامة للمجتمع ).
فالتزام الشعب والدولة بالعمل معاً هو الحل الأمثل الذى ساهم فى بدء بزوغ فجر حضارتنا الاسلامية والذى حول العرب فى فترة زمنية قياسية من قبائل متناحرة تتقاتل على الماء والكلأ الى نظام متماسك قوي قضى على مملكة فارس والروم والتي كانت من أهم الممالك فى ذلك العصر، وهو خيار لا أدرى لمَ نتناساه جميعاً لنطالب الدولة بالعمل وحدها دون الشعب . متسائلين، ماالذى بإمكان الشعب المغلوب على أمره أن يفعله ؟
بداية وقبل كل شى نحن هنا نبحث عن الحل ،عن العلاج، ولذلك لن نجامل لأننا عندها لن نصل للتشخيص السليم ففى بلداننا يربى الطفل الذى هو ثروتنا البشرية المستقبلية وصورة مستقبلنا على ازدواجية التعامل مابين البيت والشارع ، الممتلكات العامة والخاصة ، فنراه يحرص على نظافة بيته ويحترم ملكيته الخاصة أشد الاحترام وفى المقابل لايأبه بالملكية العامة، ولا يعرف دوره فى الحفاظ على مقدراتها بل يواجهها بالتخريب تحت نظر والديه اللذين لايريان فى مايفعل ما يستوجب النهى، شخص كهذا عندما يكبر ويكون مسؤول في الدولة، ماالذى سيجعله يتخلى عن تلك الازدوجية لصالح الاهتمام بالممتلكات العامة والعمل على النهوض بمؤسسات الدولة ؟!!!!!. ألا تظنون أن السير الطبيعى للأمور سيكون لصالح التربية والطبع غلاب كما يقولون، فيصبح الاهتمام بملكيته الخاصة وتطويرها والاستفادة من منصبه بما يخدمها بشكل أفضل هو مخزون اللاوعى الخاص به وهو الذى يظنه الصواب والحق المكتسب لأنه تربّى عليه ببساطة..!
اذاً، ولتحقيق معيار التنمية البشرية الأول المتمثل فى سلامة الأوضاع الاقتصادية علينا العمل جاهدين لتنشئة الأطفال على احترام مؤسسات الدولة ومقدراتها وفهم قيمة الملكية العامة أهميتها، و أهمية التعاون والعمل المشترك .. وعندما لايظن الشخص الذى يصل الى منصب سياسى انه امتياز يسمح له بتنمية ملكيته الخاصة وتعزيزها عن طريق استغلال صِلاته بل يفسر المنصب على أنه مجرد وظيفة حكومية لخدمة الشعب فإن احتكار السلطة سيتلاشى من تلقاء ذاته وهو ماحققته معظم الدول المتقدمة فى العالم عن طريق احترام المواطن والذى بدأ هو أولاً الدائرة باحترام الوطن وهو أيضا ماحققه الاسلام السياسى منذ 14 عشر قرنا حين خطب الخليفة فى الناس قائلا لقد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينونى وإن أسأت فقوّمونى .. أجل لقد طلب معونة الشعب على نفسه لأن الدولة عبارة عن رئيس وشعب يعملان معا لأجل هدف واحد هو بناء الدولة وليس فرقاً كل يغنى على ليلاه ويبحث عن ملكيته الخاصة ،ولتذهب الدولة الى الجحيم ..
وفي ذلك يقول أحد الأصدقاء:
"إن ازدواجيه التعامل وماتربى عليه الكثيرين قد أدى لانفصام ، من جهة تجد الشخص يحرص على نظافه منزله من الداخل ثم يتوقف برسم حد أمام منزله ويترك قاذوراته وكأن الشارع بينه وبين جيرانه لاتعنيه نظافته .
أيضاً نجد في أرقى الاحياء مساكن من عده طوابق تقدّر بالمليارات ومن الداخل مجهزة بأرقى الأثاث والديكور لكن في نفس الوقت نتفاجأ بأنه استخسر دهن منزله من الخارج الذي لن يكلفه الا بضع مئات من الدنانير.
وهنا نلاحظ الفرق منزل من الخارج قذر بشع استخسر فيه علب دهان بينما من الداخل عبارة عن لوحه فنيه راقيه!!!تبا انه الانفصام والنفاق والتمظهر الذي نعاني منه وهذا يجر ذاك كالسلسلة،
التمظهر ظاهرة عميقة في مجتمعنا لاتتعلق بكهنه الدين او خفافيش السياسه بل ظاهرة نمت فينا لأنها وجدت البيئه المناسبه لذلك ..!"
ويقول آخر:
"هل الدولة مسؤولة دائماً عن نظافة الشوارع ؟؟ عن عدم العبث بالأملاك العامة ؟؟
إن المواطن يجب أن يصل بإدراكه العقلي إلى حالة ( المسؤولية المشتركة ) التي كما تكون الدولة أحد أطرافها فالمواطن يكون طرفها الآخر بلاشك .
فكيف يشتكي المواطن من الغلاء وارتفاع الأسعار والخوف من رفع الدعم وهو نفسه من يحرق مليارات الدنانير في الشهر الفضيل" رمضان " سرف وتبذير...
-أنا هنا لا أقول كلاماً تنظيرياً ... إذ أنني أشمل نفسي طبعاً مع كل المواطنين الذين يحملون الدولة المسؤولية الكاملة لما يجري على الأرض.
- لقد آن الاوان لنرتفع قليلاِ بوعينا .. ولنؤمن بأن دور الدولة الراعية قد شارف على الانتهاء وأن المسؤولية العظمى في اصلاح احوال حياتنا إنما تقع على عاتقنا نحن أولاً.. وعند ماننتهي من مسؤوليتنا يحق لنا عندها اتهام الدولة بأنها مقصرة .."
من اعداد مجموعة باحثين بالتعاون مع ليلى حجازي و أيوب مرين
تنسيق ومتابعة: رزان الأسعد
التعليقات