بــناء الإنــســان
"وتحسب أنك جرمٌ صغير وفيك انطوى العالم الأكبر" -سيدنا علي بن أبي طالب-
الانسان....
ذلك الكائن المعجز والفريد الملئ بالأسرار والمفعم بالطاقات الخلاقة ، تصقله المحن وتزيده التجارب صلابة والصعوبات إصراراً على النجاح . ذلك المخلوق اللغز، الذي نفخ الله فيه من روحه .. فضّله الله على كل مخلوقاته بحمله للأمانة التى أشفقت منها السماوات و الأرض و الجبال ... سجد له الملائكة طاعة و تكريماً ، و عاداه إبليس و قبيله .. هذا المخلوق المعجز الذى اختاره الله ليكون خليفته على الأرض إنه ورغم كل مميزاته كأيّ مخلوق ينمو و يتصابى و يتراهق ثم ينضج ... سواء على المستوى الجسدى او على مستوى العقل و القلب و الروح . ولذلك يحتاج الى بناء مستمر و غذاء مستمر و تقويم مستمر .. حتى يكون له عطاء مستمر بلا توقف إلى أن يلقى خالقه،وكما نعلم جميعا أن الجسد يحتاج إلى بناء ، فعلينا أن ندرك أن العقل و القلب يحتاجان إلى بناءأشد صعوبة واكثر حساسية
فالعقل يحتاج إلى المعرفة التى توفرها الدراسة و القراءة و الاطلاع و التفكّر و التدريب على التفكر لأنه بوابة مدينة الإنسان ، فمنه تدخل جحافل المعرفة و به تُصدّ جحافل الجهالة .
والقلب يحتاج الى التدرب على الشعور و معرفة الطريق و رؤية الهدف، فهو البوصلة و به يسير الإنسان جسداً و عقلاً فى الطريق الخاطىء او الطريق المستقيم .. و ان كان العقل هو مناط التكليف . فالقلب هو مناط الادراك ...
إن بناء الإنسان هو بناء الأمم و صناعة الحضارة .. فهو اللبنة المكوّنة للبناء ... إن ضعفت ضعف البناء كله و إن صلحت صلح البناء كله ...
ولا ندري من أين استوحى الفينيقيون أسطورة طائر العنقاء الذى ينمو من رحم الموت ولكننا نكاد نجزم بأن فى داخل كل منّا عنقاء لايزيدها لهيب النار إلا توقاً للتحليق ورغبة فى النهوض والارتفاع وعلينا البحث عنها لإيقاظها من سباتها والتحليق عالياً نحو الهدف.
يقول مالك بن نبي:*
"إن الإنسان باعتباره العنصر الفاعل الذي تبدأ منه عملية التغيير لا يتوقف دوره في المجتمع على حفظ النوع، بل هو خليفة الله في أرضه، وهذه الوظيفة الاستخلافية توجب إجراء عملية تغيير نفسي واجتماعي يخضع لها الإنسان من خلال الثقافة المستمدة من العقيدة الدينية ليكون الأقدر على القيام بدوره الفاعل في بناء مجتمعه .."
ومن هذا المنطلق ، ستكون مقالتنا هذه شمعة متواضعة تساعد في إنارة طريق بناء الإنسان في مجتمعاتنا ، الإنسان الذي هو أهم عناصر بناء الحضارة متمثلة ، حسب ابن نبي، بالعناصر التالية: " إنسان + تراب + وقت "
* كتاب تأملات ص 26
من اعداد مجموعة باحثين بالتعاون مع ليلى حجازي و أيوب مرين
تنسيق ومتابعة: رزان الأسعد
التعليقات