البوليتيكا أو ما يمكن أن نصف به بنوع من الاحتقار السياسة الارتجالية المتخبطة المتخاتلة والخرقاء التي تنتهجها عديد من الأنظمة العربية ودول العالم الثالث والتي سمحت بظهور الفرد الشعبوي كتعويض للاهلي الذي كان يطلق على أفراد شعوب العالم الثالث زمن الاستعمار.فإنسان هذه الشعوب أو ما يمكننا أن نطلق عليه بالفرد الشعبوي البائس في ظل النظام البوليتيكي الاستبدادي .الفرد الذي يتكلم حيث يلزمه أن يعمل وهو يلعن النظام والحكام حيث يجب عليه أن يلعن القابلية للاستحمار وللاستغلال والاستحقار .فسياسات الشعوب في العالم الثالث توجهت في نضالها ضد الأنظمة الاستبدادية تطالبه بضرورة تغيير وضعه دون أن تتجه إلى الفرد كجزء من المجتمع لتطالبه بتغيير وضعه الحضاري .
فالسياسة غير التهريج البوليتيكي فهي في جوهرها مشروع لتنظيم التغيرات المتتابعة في ظروف الإنسان وأوضاع حياته هذه العلاقة التي تحدد وضع الفرد باعتباره غاية كل سياسة وتتوجه إليه بمعنيين أولا بصفته فاعلا يحقق التغييرات المطلوبة وثانيا انه المطلوب تغييره
.فان الفرد حين ينهض عليه أن يستعمل ما تحت يديه من وسائل مهما كانت محدودة ليغير وضعه بعيدا عن الشكوى والتشاؤم والتذمر التي يوجهها الفرد اتجاه الأنظمة الاستبدادية .
والمطلوب من الفرد في ظل نظام استبدادي أن يكون فاعلا في شقه الاجتماعي قولا وتطبيقا بعيداعن أي نشاط فوضوي فليس المطلوب من الفرد النشاط الفعال وحسب بل المطلوب منه نشاط ممنهج يقوم على الفعالية والاندفاعية الايجابية .فالمهم من السياسة كلها المضمون لا الشكل أو القالب الذي توضع فيه فلا فرق في أي شكل سياسي فالمضمون الايجابي هو وحده التي يتيح لنا الحكم على فعالية هذا الشكل .
بعيدا عن البوليتيكا والشعبوية فان القاعدة الذهبية للتغيير الحضاري للمفكر مالك بن نبي –إنها لشرعة السماء غير نفسك تغير التاريخ .كفيلة بدفع إنسان ما بعد الحضارة إلى تحقيق الإقلاع الحضاري المنشود وذلك بتغيير ذهنية الفرد ووضعه الحضاري كانسان فان إرادة التغيير الكلي للمجتمع مرتبطة أساسا بتغيير الفرد والنص القرآني الكريم يؤكد على ذلك فالله عزوجل لا يغير من وضع قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
فالفرد هو غاية كل سياسة فهي منه واليه فهو الحلقة الأبرز في تحقيق القفزة الحضارية السياسية وكما يقول جورج اوريول -في عصرنا لا يوجد شئ اسمه بعيداً عن السياسة ، كل القضايا هي قضايا سياسية. وباعتبار كل القضايا سياسية فان علينا أن ندعم دور الفرد في هذه القضايا وعلى مستوى المجتمع الذي يعد ركيزة أساسية لهكذا قضايا ولابد للفرد أن ينتقل من حالة العطالة والعبث إلى حالة العمل الفعال الاندفاعي و الموجه وفي إطار اجتماعي متماسك وبناء على تخطيط يكون للفرد النصيب الأكبر في صياغته باعتبار أن الفرد غاية كل سياسة.
بقلم: رمزي بوبشيش.
التعليقات