تنبعث في الأفق إرهاصات تحدي بين دعاة المشاركة ودعاة المقاطعة لتشريعيات ماي 2017 .نبرات التحدي التي طغت على الحملة الانتخابية وما عرفته من مظاهر بوليتكية وشعبوية شكلت القاسم المشترك الأكبر بين دعاة المشاركة ودعاة المقاطعة .الشعبوية التي رافع لها بامتياز النظام البولتيكي متمثلا في أجهزته التنفيذية وأذرعه من أحزاب سياسية ومجتمع مدني يقابله في الطرف الأخر دعاة المقاطعة من أحزاب سياسية معارضة ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي واليوتوب أو ما يطلق عليهم نشطاء البودكاست السياسي .
البودكاست السياسي الذي فرض نفسه كفاعل جديد في المشهد الإعلامي البوليتيكي ونجاحه في استقطاب جمهور واسع على الشبكة العنكبوتية التي شكلت فضاء واسع للشباب ليحاكوا واقعهم الاجتماعي والسياسي بشكل ساخر .هكذا ظهر على اليوتوب هذه الأيام بودكاست – الرسالة – لصاحبه انس تينا وبودكاست –مانسوطيش – لصاحبه اليوتيوبر شمس الدين العمراني، المعروف بشمسو "ديزاد جوكر" حيث دعا فيهما بشكل ساخر إلى مقاطعة الانتخابات وسلطا الضوء على عدد من الظواهر الاجتماعية التي تنخر المجتمع الجزائري من فقر وغلاء معيشة وأزمة سكن كما تطرق احدهما إلى صفات البرلمانيين وما يميز شخصيتهم من خلال أسلوب ساخر وجريء يقفز على الطابوهات وعلى القضايا التي يعرضها الإعلام التقليدي واعتبر هذان الشابان أن هذا النوع من البودكاست يدخل في فضاء حرية التعبير بعيدا عن مقص الرقابة الحكومية
عملهما هذا كان أكثر احترافية وواقعية إلا انه لا يكاد يخلو من الشعبوية التي طغت عليه وطفت على أكثر جوانبه .وصحيح أنهما نجحا في تصوير مظاهر الحملة الانتخابية بكل احترافية واستطاعا من خلالها ان يوصلا صوتها لأكبر عدد ممكن من الشعب لكن ما جدوى أن ننقل مظاهر الشعبوية التي يعرفها العامي والنخبوي والكبير والصغير. إنما هو بودكاست شعبوي تهريجي ورد مضاد على التهريج والشعبوية التي يتخبط فيها النظام الجزائري البولتيكي وهي نتاج إرهاصات الرداءة والعفن التي أخرجت لنا أعمالا شعبوية يقدس فيها الشعبوي ويكفر بصوت المثقف النخبوي ويعلوا فيها صوت العامة على صوت الخاصة ويسمع فيها نعيق غربان العامةو النظام ويذل صوت النخبة وصقور الثقافة .
سمع صوتك الشعار الانتخابي الذي أطلقه النظام قد بلغ صداه مسامع الحكومة وأوجعها وما ردة فعل وزير الشؤون الدينية اتجاه البودكاست السياسي – الرسالة – و- ما نسوطيش – سوى دليل على أن حملة سمع صوتك قد نجحت ولكن في جانبها المضاد وهو الذي لا ترغب به الحكومة .تصريحات الوزير الذي سقط بدوره في فخ الشعبوية كغيره من الجهاز التنفيذي جعلته يتلفظ بألفاظ اقل ما يقال عنها أنها سوقية.
مصطلحات بوليتكية و شعبوية من هنا وهناك جعلت من عقبة بن نافع –رضي الله عنه -افلانيا وحملة انتخابية موجوعة بتصريحات مثيرة للغثيان من قبيل دعوة كل سيدة جزائرية أن لا تقدم الفطور لزوجها صباح الانتخاب بل تدفعه للتصويت وان رفض تعطيه بالعصا وحماسة ثورية زائدة جعلت أحد زعماء الأحزاب يصرح في حملة لانتخابات تشريعية برغبته في تحرير القدس.
كل هذا يعيدنا إلى فيلم- كرنفال في دشرة- وبعد 30 سنة تتأكد التوقعات والنظرة الاستشرافية الثاقبة للممثل القدير عثمان عريوات الذي يستحق جائزة اوسكار القرن عن فيلمه هذا والذي يعبر عن الشعبوية في أسمى معانيها في وطن يعاني وينزف والكل فيه مذنب وحال الوطن ينادي ..يا إلهي..كل أبناء هذا الوطن شعبويون .
بقلم: رمزي بوبشيش.
التعليقات