يبدو أن رحيل الزعيم الليبي معمر القذافي في العشرين من أكتوبر 2011 ترك خللا إستراتيجيا واضحا في مسار العلاقات العربية الإفريقية وفتح المجال فسيحا للكيان الصهيوني حتى يتمكن من إختراق القارة السمراء
ومن علامات هذا الاختراق الاعلان عن قمة إسرائيل-افريقيا المرتقبة بين 24 و26 أكتوبر المقبل في جمهورية التوغو.
ورغم تنديد بعض الدول الإفريقية المسلمة بانعقاد هذه القمة مستندة إلى مواقفها التاريخية من القضية الفلسطينية وخصوصا في غياب أي أفق يشي بتحرك في مسار السلام بين إسرائيل والفلسطينيين كحد أدنى ، فإن جمهورية التوغو التي تقيم أفضل العلاقات مع تل أبيب تجري فيها التحضيرات للقمة على قدم وساق كما تسعى حكومة الرئيس فور غناسينبي الى التقليل من أهمية مواقف الدول المعترضة من خلال محاولة كسب تأييد أكبر عدد ممكن من الدول الافريقية.
وحسب صحيفة “لا ليتر دي كونيتانت“، فقد اعترضت موريتانيا ومالي والغابون على انعقاد قمة اسرائيل-افريقيا، حيث تتجه الدول الثلاث الى مقاطعة فعاليات اللقاء.
وكشف ذات المصدر عن تذمّر عدة دول في منظمة التعاون الإسلامي عبرت عنه في رسالة بعثت بها إلى الاتحاد الافريقي ودعت لفرض عقوبات على جمهورية التوغو بسبب عقد القمة.
كما أُفيد بأن الخارجية السعودية استدعت القائم بالأعمال التوغولي لاستيضاح الأمر.
وبانعقاد القمة الافريقية الاسرائيلية الخريف المقبل تكرّس تل أبيب عودتها الى القارة السمراء على الأقل من الناحية الدبلوماسية.
وهي تأتي تتويجا لجولة قام بها عام 2009 أفيغدور ليبرمان وزير الدفاع الحالي الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الخارجية حيث زار فيها إثيوبيا وكينيا وأوغندا ونيجيريا وغانا. قبل أن يعيد الكرّة عام 2014 ويزور رواندا وكوت ديفوار وكلاّ من غانا واثيوبيا وكينيا مجددا.
وتعتبر هذه العودة نجاحا للدولة العبرية في افريقيا بعد أن قطعت أغلب الدول في تلك القارّة علاقتها بتل أبيب في حرب أكتوبر من عام 1973 تضامنا مع مصر والدول العربية.
وقد أصبحت جمهورية التوغو ثاني شريك اقتصادي لإسرائيل في القارة السمراء بعد جنوب إفريقيا بفضل صفقة باعت تل أبيب لومي بموجبها معدّات أمنية بقيمة 191 مليون دولار عام 2013 بحسب احصاءات رسمية.
وإلى ذلك ، أشارت تقارير إعلامية الى أن السلطة الفلسطينية والمملكة المغربية، تمارسان ضغوطا لإلغاء القمة “الإسرائيلية-الإفريقية” ونقلت صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية، عن مصادر دبلوماسية إفريقية، لم تكشف هويتها، قولها إن السلطة الفلسطينية تمارس الضغوط على رئيس توغو، فور غناسيغني، لإلغاء القمة.
كما أشارت المصادر ذاتها إلى أن السلطة الفلسطينية تحث الدول الإسلامية في إفريقيا، على “عدم المشاركة التي من شأنها إظهار الدعم لإسرائيل، ما يتسبب بتراجع النضال الفلسطيني”.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد دعا قادة الدول الإفريقية إلى ربط أي تقدم في علاقة القارة بإسرائيل، بمدى التزامها بإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967، بعاصمتها القدس الشرقية.
وقال في كلمة أمام قمة الاتحاد الإفريقي في دورته التاسعة والعشرين المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الثالث من يوليو/تموز:” لقد كانت دول إفريقيا واتحادها العتيد وما زالت، نعم السند والشريك في المصير، ونأمل أن تستمر شراكتنا مزدهرة، ونحن في نضالنا اليوم، نتطلع إليكم لمواصلة الثبات على مواقفكم من قضيتنا، واستمرار التشاور بيننا كأصدقاء وحلفاء تاريخيين”.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية فإن توغو ستوجه دعوات إلى 54 دولة إفريقية للمشاركة في القمة “الإسرائيلية-الإفريقية”، المقرر أن تستمر 4 أيام، متوقعة مشاركة ما بين 20-30 رئيس دولة في القمة.
ولفتت إلى أن إسرائيل تُقيم علاقات دبلوماسية مع 40 من أصل 48 دولة في جنوبي أفريقيا.
وقالت المصادر الدبلوماسية الإفريقية إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب من رئيس توغو في القمة الإفريقية في أديس ابابا، إعادة النظر في قرار عقد القمة.
وأضافت:” كانت هذه هي المرة الأولى التي يطلب فيه الرئيس الفلسطيني اللقاء مع رئيس توغو الذي وصل إلى الحكم في العام 2005″.
وتابعت المصادر الدبلوماسية الإفريقية التي تقول إنها على معرفة بمجريات اللقاء:” كان رد رئيس توغو أنه يدير بلاده بالطريقة التي يراها مناسبة، وأنه على صداقة مع كل من إسرائيل والفلسطينيين، وأنه إذا ما ساهمت القمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، فإن ذلك سينعكس بالنفع في نهاية الأمر على الفلسطينيين أيضاً”.
ولفتت الصحيفة إلى أن رئيس توغو سيقوم بزيارة تستمر 3 أيام إلى إسرائيل الأسبوع القادم، يلتقي خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت:” لقد زار إسرائيل 3 مرات في العام الماضي، والتقى نتنياهو حينما شارك الأخير في مؤتمر اقتصادي في ليبريا في شهر يونيو/حزيران الماضي”.
وذكرت المصادر الدبلوماسية الإفريقية إن المغرب أيضاً، حثّت الدول الإفريقية على عدم المشاركة في القمة .
وقالت:” المغرب غير راضية عن انطلاقة إسرائيل في إفريقيا لأنها ترى فيه منافسة في القارة”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، قد أعلن في أكثر من مناسبة منذ العام الماضي، بما فيها خلال زيارته إلى إفريقيا إنه يسعى من أجل التقارب مع القارة السوداء بهدف كسر التأييد التلقائي للفلسطينيين في المؤسسات الدولية التي يحظى فيها الفلسطينيون بدعم واسع.
ويشير مراقبون الى أن غياب الزعيم الليبي معمر القذافي الذي كان وراء تأسيس الإتحاد الفريقي ومنظمة دول الساحل والصحراء سين صاد وصاحب الدور المهم في بناء إستراتيجيات القارة السمراء قد أدى الى تغلغل الكيان الصهيوني في دول ما وراء الصحراء الكبرى لتكون الأمة العربية قد خسرت نصيرا مهما لها في قضاياها وصراعها مع الصهيونية العالمية.
بوابة إفريقيا الإخبارية.
التعليقات