الإكتئاب مصطلح أصبح كذرات الهواء منتشر عبر القنوات التلفزيونية و المواقع الالكترونية و الجرائد بشكل رهيب ، حيث أصبح ظاهرة مترافقة مع الأرقام المهولة لحالات الإنتحار التي تسجل تقريبا بشكل يومي خاصة في الدول الصناعية المتقدمة التي تعرف تطورا مهولا في التكنولوجيا ، و أصبحت الحياة فيها مادية بحثة حيث تغيب فيها الكثير من الإنسانية ، أين أصبحت تعرف بكثرة الأمراض النفسية التي أصبحت ظاهرة مقلقة لدى كثير من المختصين بفعل تأثيراته على مختلف المجالات الحياتية التي تتصل بشكل مباشر بحياة الفرد في مجتمعه في علاقة متكاملة من حيث التأثير.
لقد كان مرض الإكتئاب ينحصر في نزلاء المشافي المختصة في الامراض النفسية من 50 سنة خلت غير أن الاحصائيات الأخيرة تنذر بالكارثة التي قد تحل بالمجتمعات الانسانية جراء الانتشار الرهيب لهذا المرض الخطير الذي يعتبر أكثر خطورة و قساوة عكس ما ينظر اليه الناس فهو مرض سريري و ليس بشيء عارض يحتاج الى المتابعة و الرعاية الصحية من أجل الحد من انتشاره مثلما يؤكده الاختصاصي في الطب و العلاج النفسي بجامعة لايبتزغ الألمانية البروفيسور أورليك هيغرل أن الرعاية الصحية للأفراد و تحسينها هو أحد أهم الطرق الوقائية للمرض .
و حسب الارقام التي تكشف عنها مختلف الدراسات و الاحصائيات التي تتناول هذه الظاهرة الخطيرة أن ما نسبته 20% سوف يعانون من الاكتئاب في فترة ما من حياتهم أي شخص من أصل خمسة أشخاص معرضون له ، بعد أن كانت النسبة في بداية القرن العشرين أقل من 1% لتصل الى 6% منتصف القرن ممن ولدوا في الخمسينيات عانوا من الاكتئاب قبل بلوغهم سن الثلاثين .
و في ألمانيا تم احصاء 780 حالة اكتئاب من أصل ثمانية ملايين شخص ممن تشملهم الرعاية الصحية ، أما اليابان فأكثر أكثر البلدان ينتشر فيه مرض الاكتئاب حيث رصدت الاحصائيات الحديثة ارتفاع الرقم من 250 الف حالة الى مليون حالة اكتئئاب حيث وصلت حالات الانتحار الى عدد غير مسبوق سنة 2000 بـ 30 ألف شخص ، و في اليونان تصاعدت حالات الاكتئاب المترافقة بالانتحار من اجل التخلص من الألم النفسي الكبير بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد حيث تحدث حالة انتحار كل 18 ساعة فيما تتم كل 45 دقيقة محاولة انتحار مما جعل أحد نواب البرلمانيين يدق ناقوس الخطر عبر عرض الظاهرة التي أصبحت تفتك بالمجتمع اليوناني على البرلمان للسعي الى وضع حدا لها ، فيما تتناول ربع نساء الولايات المتحدة الأمريكية ما بين 30 و 50 سنة مضادات الاكتئاب في فترة ما من حياتهن ،و من بين الأسباب المساعدة في انتشار المرض حسب البروفيسور الان فرانسيس هو منظمة الصحة العالمية و المعهد الامريكي للصحة النفسية حيث أن لهما مصلحة خاصة في انتشاره و ذلك مما يسمح برفع ميزانيتهما و هو ما أكده البروفيسور الياباني تاجيما أوسامو بالقول ان منظمة الصحة العالمية هي منظمة تعزز المرض بدلا من محاربته .
و تؤكد الاحصائيات الرقم المهول لهذه الحالة في العالم أين توجد ما بين 350 مليون الى 400 مليون حالة اكتئاب ، بحيث شددت الدراسات على انه لا توجد منطقة في العالم تخلو من هذا المرض المسبب في غالب الاحيان لعدد من الاضظرابات العضوية ، أين يمكن تشخيصه عند النساء في فترة مبكرة من حياتهن و علاجه عكس الرجال الذين يتم اكتشافه في سن متأخرة بسبب التكوين النفسي لدى الجنسين ، و هو سريع الانتشار بين الشباب .
يعتبر الطبيب النفسي و رئيس فرقة عمل دي أس أم البروفيسور آلان فرانسيس أن أصعب سؤال حول مرض الاكتئاب هو كيف نعرف هذا المرض بفعل تعدد تعريفاته و اختلافها ؟ ، غير أنه يرى في الوقت نفسه أن الدليل المعرفي الاحصائي للاضظرابات النفسية الذي كان رئيسا لفريق اعداد نسخته الخامسة هو المعيار الامثل و الأنجع لتشخيص المرض ، مثلما يعتبره اداة تشخيص ذاتية عبر اسقاط الأعراض الظاهرة على مجموع المعايير التي تضمناها النسخة الخامسة .
و من أهم الأعراض التي تضمنتها النسخة الخامسة من الدليل المعرفي الاحصائي للاضطرابات النفسية حسب البروفيسور الان فرانسيس نذكر ما يلي :
الحزن و اللامبالاة ـ اضطرابات النوم ـ فقدان الشهية ـ انخفاض الحيوية و الطاقة و النشاط ـ اليأ س من المستقبل ـ النظرة التشاؤمية للحياة ـ الشعور بالفشل ـ .
و عادة ما تترافق هذه الأعراض بالعجز و الشعور البتفاهة و في الحالات الشديدة يصاب المرئ بالوهن و يصعب عليه فعل أي شيء كان يفعله في السابق ، بحيث يكون مزاج الشخص المصاب بالاكتئاب في أسوأ حالاته حتى أسوأ من فقدانه أعز الناس إليه .
و عن طريقة التشخيص يؤكد فيلسوف العلوم الفرنسي ستيفز ديمازو أن الدليل المعياري التشخيصي أشبه بقاموس ضخم يسهل على المعالج تشخيص المريض بدقة ، منوها الى ان حدوث أربعة أعراض من أصل ثمانية بشكل يومي متواصل هو دليل على ان الشخص مصاب بحالة اكتئاب .
محمد عيادي.
التعليقات