" بعض الانتصارات بطعم العار وبعض الهزائم تناهز الفوز فخرا "..
نائلة الحامي
تصوروا كم هو الكم الهائل من " الدقيقة والنصف " في اليوم ، طبعا بعملية حسابية ففي كل ساعة توجد 40 مرة ، وفي اليوم من أربع وعشرين ساعة ، توجد دقيقة ونصف 960 مرة ، بمعنى أن قناة إخبارية تحتاج إلى ما يربو عن 900 تقرير إخباري من الدقيقة والنصف .
في السابق لم تكن لدي هذه الفكرة البسيطة رغم أني وللأمانة ، مرت علي أيام وأسابيع اشتغلت بورقة بيضاء وقلم الرصاص السحري لأحسب كم دقيقة أحتاج لتأثيث مساحة الموجز الإخباري الذي لا يتجاوز ، أزيد من ثلاث دقائق ونصف كما هو في العرف الإعلامي ، وكم أحتاج من تقرير إخباري أو معلومة لتأثيث النشرة الإخبارية التي تحتاج ما بين 12 دقيقة إلى 15 دقيقة أو 18 دقيقة كما هو متعارف عليه ، وللأمانة أيضا كنت أحسب رغم أني لا أحبذ الحساب ، لكن الجانب الأول من المخ يشتغل كثيرا في الدقائق الحالكة التي مررت بها ، أي جانب العد والحساب ، كانت الثواني غالية بالنسبة لي ، لا تقدر بثمن ، لأنها الكفيلة بتزيين الموعد الإخباري ، والذي يرقى إلى مهنة الإعلام ، ويستجيب لمتطلعات الجمهور ، بينما كان الجانب الثاني من المخ يفرح كثيرا عندما يطل أحد الزملاء بتقرير جاهز أو خبر طارئ أو معلومة يمكنها أن تصطف هي الأولى في بداية النشرة الإخبارية ، هنا أفتح قوس لأشكر كل من " ( الزملاء ممن كانوا يرمون علي الورود عندما يفاجئوني بخبر مستعجل من أمثال " كريمة قاسي في قطاع التربية والصحة ، مهدي مخلوفي وبحثه الدائم بالهاتف عن معلومة ما ، فيصل قنفود ومتابعته الدائمة لما ينشر في الوكالات ، هاجر حاشي والاحتجاجات ، حمزة بكاي وأخباره السياسية التي لا يمكنها أن تنتظر في المساء ، وعبد الهادي بن حملة وأخبار الاقتصاد، وشاهيناز بوخبوز وروبورتاجاتها الممتعة وجمال أمدور بأفكاره التي تدخل في صناعة المعلومة ، فضلا عن المراسلين الذين مكنوني من خلق زاوية متفرّدة في النشرة الإخبارية وهي التقرير المنوّع أو " الفيتشر " والذي غالبا ما يؤثث النشرة قبل نهايتها يكون " خفيف " و" مثيرا "و" لافت " ويستقطب الجمهور ،حيث يتنفس المتفرج الصعداء ويسافر إلى ولاية ما أو منطقة ما أو يستمتع بسماع قصة مجموعة ما أو عادة ما أو تقليد ما أو فكرة لم تسبق أن تم تناولها في أي وسيلة إعلامية ، كما أشكر أيضا زملائي في وكالة الأنباء الجزائرية ومختلف الوكالات العالمية ، بمعلوماتهم التي تجعلني أفرح أيما فرح فقط لأنني أجد مادة يمكن الاعتماد عليها ونسبها لهم في كل مقدمة للموضوع ) ، هنا أتحدث في نشرات الفترة الصباحية التي تعرف بأنها فترة شحيحة لا تمدك بالمعلومات خصوصا ما بين الثامنة والنصف صباحا إلى العاشرة صباحا .
كم هي القصص الخبرية التي يمكن أن نسردها وننقلها للمشاهد ، وكم هي القصص الخبرية الشيقة والصعبة في نفس الوقت التي يمكن أن نجهزها للنشر والبث عبر القنوات التلفزيونية ، ولكن في المقابل من ذلك ، فإن تجهيزها يحتاج إلى " جيش " من الكادر البشري الموجود في القناة وليس فقط في غرف الأخبار وقاعة التحرير ، إذا تصوروا معي كم هي ثمينة هذه الدقيقة والنصف في الإعلام .
الدقيقة والنصف باهظة جدا : يشتغل عليها خمسة أشخاص من الصحفي والمصور والسائق والممنتج والسكريبت .
الدقيقة والنصف في السمعي البصري ، غالية جدا : عندما ينقطع التيار الكهربائي .
الدقيقة والنصف صعبة جدا : عند الأزمات كانحراف قطار أو الأحداث الطبيعية كالزلزال
الدقيقة والنصف عاجلة جدا : عند تلقي خبر إعدام سجين جزائري في العراق.
الدقيقة والنصف صعبة جدا : في خبر زلزال على الرابعة صباحا بمنطقة حمام ملوان 50 70 كيلومتر غرب العاصمة ؟
الدقيقة والنصف سريعة جدا : عند صدور بيان رئاسي بتعديل حكومي .
الدقيقة والنصف محزنة جدا: حوادث الإرهاب
الدقيقة والنصف محبطة جدا: في قضايا ترحيل السكان
الدقيقة النصف مؤلمة جدا : قرعة الحج ، البعض يفرح والبعض حزين .
بالتجربة في المجال الإعلامي ، رؤية المعنى بوضوح في مصانع المعلومة، هناك تفاصيل تخدم الصحفي وتمكنه من التميز فقط عندما يرى أن كل أحداث الحياة هي عبارة عن دقيقة ونصف فقط ، خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة يمكن أن يتغير كل شيء ، وهي الفترة التي توقظ في كل متميز بطل الإلهام النائم الموجود في داخله .
فتيحة زماموش.
التعليقات