صفحات مفتوحة لشكاوي المواطن ، ميكروفونات تنقل أصوات المغلوب على أمرهم ، تغطيات ميدانية ، تنقل أوجاع المرضى ومطالب العمال ، وكلمات المقهورين ، من الجزائر العميقة سجلت الصحافة الملايين من المقالات ، ونقلت صور ومشاهد لصراخ امرأة توسل الحصول على سكن هي وأولادها ، هناك في المقرية ، في حسين داي في القبة في عاصمة البلاد ، فمابالكم في مدنها الجزائر كاملة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ؟ .
في أزمة السكن ، كثيرة هي المقالات والفيديوهات التي نقلت مطلب اجتماعي لعائلات من مختلف الفئات في عدة ولايات ، ومطالب الشغل أيضا ، وفي الإضرابات العمالية ، وفي الاحتجاجات من أجل الحصول على حق التوظيف في قطاع التعليم ، وفي احتجاج أمام مستشفى طلبا للعلاج ، ومسيرة مطالبة بالكشف عن قضية اختطاف طفل صغير .
عدد لا يستهان به من الدقائق والساعات التي يمنحها الإعلام السمعي البصري " الإعلام الثقيل " ويفردها لصوت " الناس " صوت المواطن ، صوت الشعب ، وكثيرة هي الصفحات التي حملت هموم الجزائريين وأجابت على البعض من أسئلتهم ، وكفكفت دموع البعض وفرجت هموم البعض الآخر ، فلا توجد سعادة لدى الصحفي عندما ينتصر لقضية شخص مظلوم أو التفريج عن كربة عائلة فقيرة ، أو زيارة أسرة مدفونة في أقصى الجنوب أو في أعالي الجبال .
عندما يطرح السؤال على أي صحفي : ما هوأجمل شيء تفعله ؟ يرد قائلا :" أن نملك القليل لإنهاء تعاسة الآخرين " ، فلا الحدث السياسي ولا الحدث الاقتصادي أو الرياضي بإمكانه أن يأخذ مكان إدخال السعادة في قلب فقير أو يتيم أو محتاج .
قد يفتخر البعض بحوارات كبرى مع سياسيين ، وقد يفتخر البعض بأكبر التحقيقات التي اشتغلوا عليها لأشهر طويلة ، أو في زيارات ميداينية ، لكن أجمل ما يعلق في قلب الصحفي أن يرى ابتسامة في وجوه البعض ممن وثقوا فيه وجعلوه آخر أملهم لإيصال انشغالاتهم إلى مسؤول ما في مؤسسة ما .
في النهايات تظهر العديد من الذكريات التي يتذكرها مهنيو القطاع ، البعض يراها نجاح بينما يراها البعض الآخر مجموعة من التحديات التي يجب كسب رهانها ، بينما الكثيرين يتوقون لكسب خطوة نحو تحسين الفعل الصحفي ليكون قوة تنصر حق المظلومين ، وتعيد للملايين ابتسامتهم .
هي هكذا مهنة " المتاعب " ، تنقل آلام المواطنين بالصوت والصورة وتؤرخ للحظات وتضع في الأرشيف مختلف الأحداث وتترك البصمات ، لكن ما أعظمها من مهنة ، تترك الأثر .
فتيحة زماموش.
التعليقات