الأمكنة تمدنا بالطاقة، في حالة التيه نعود إلى بداياتنا
بقلم/ فتيحة زماموش
جميل أن نخطئ أسناء المسير ، نعود أدراجنا الى الوراء ، جميل أيضا أن نذهب نحو الأمكنة التي تربعت على عرش بداياتنا الأولى في مهنة الصحافة ، وحازت على شرف الخطوات الصغيرة التي مشيناها للتقدم والتعلم واكتشاف بيت الصحافة ، أمكنة سجلت في ذاكرتنا نقطة الانطلاق ، وحفرت في قلبنا الحلم ومسار الرحلة التي لم تتوقف حتى وإن توقفنا ونظرنا للوراء ، سنوات طويلة نقتفي أثرها في كتابات الزمان والمكان فقط ، لكن الأجمل في المهنة أنها تحفظ ولا تمزق الصفحات .
الشارع لم يتغير البنايات لم تتغير ، الأسماء أغلبها ظلت هي ، محل بيع الأحذية " باستور " يروي القصة والحكاية التي بدأنا منها أول خطوات مهنة الصحافة في بلد عرف الحرية في تسعينيات القرن الماضي ، " من ذلك المحل اشتريت أعز حذاء بأول أجرة كسبتها من مهنة الصحافة " ، لكن في وقفة المتأمل ، محزن جدا أن أقتفي أثر الذكرى وفي الجانب الآخر ، داخل هذا القلب الذي يحمل الكثير من الحب والوفاء والعرفان لمن تعلمت على يدهم ، في قاعات التحرير ، ومن خلال نقاشاتهم وحواراتهم ، عشرات الأسماء من زملاء مهنة الصحافة ، يتشبثون بالحلم ، محزن أن أستشعر بأن أغلبهم يصارعون ، بعضهم صامت وبعضهم يتكلم بصوت خافت وبعضهم يناضل من أجل حق لن يضيع مادام وراءه مطالب وبعضهم اختاروا الركون للراحة ، لكن هناك من رفض تمزيق الورق وتكسير القلم ، فهل هناك أجمل من ورقة بيضاء تكتب فيها الحقيقة دون زيف ، في النهاية ، الأسطر لن تخون في زمن النكران .
الكثيرون من هؤلاء رغم وجعهم ، جمعتهم أروقة " الصالون الدولي للكتاب " في طبعته الأخيرة ، من محاسن هذا المجمع الثقافي العلمي التعليمي ، أنه يمكننا نحن الصحفيون من الالتقاء مجددا ، تختفي خلافاتنا للحظات ، تغلفها الابتسامات وكم هي جميلة تلك اللقاءات عندما تكون ، بعد فراق السنوات ، نتبادل بين أجنحته أطراف الحديث ، صور لأشخاص ، وخدوش الزمن جعلت من بعضهم يخجل حتى من الحديث عن وجعه ، عندما ترك المهنة عنوة ، لتبقى لغة العيون هي من ترمي بحملها وأثقالها ، فما للكلمات مكان ، المعرض عاد بي إلى الزمن الجميل وأنا أحمل كتب البعض من كتاب صحفيين ، ومن أساتذة جامعيين ، وشعراء ، وروائيين وكلمات شباب حالم بأفق جميل .
بين المعرض الدولي للكتاب وخارجه عوالم كثيرة ، قصص وحكايات تؤرخ للحظات الجميلة ، لا يمكنني أن أمر عليها مرور الكرام ، ذلك الماضي الذي نرجع إليه في محاولة لتصحيح حاضرنا بل ويساعدنا للرفع من سقف أحلامنا ، فمن ينسى بداياته لا يمكنه أن يستمر ، فكل شبر في الجزائر ، هو أنا هو أنت ، وبخاصة أولئك الطلبة الجامعيين الحالمين التواقين للنجاح ، بأحلام كبيرة وآمال معلقة على جيل سمي ب" الذهبي " وأنا أسميه " لؤلؤة " لم يتم بعد اكتشافها ، موجودة في كل ربوع الوطن ، فقط تحتاج إلى صياد ماهر.
التعليقات