"الصراحة والمباشرة قد تكسبك أصدقاء أوفياء وتجعلك تخسر الكثيرين كذلك" - كمال سعد الله
الطريق لم يكن سهلا ، المسار كان متعرجا كثيرا ، فمابين البدء ونقاط التوقف ومراكز العبور زمن مثقل بالأفراح والأحزان والكثير من التيه والتفكير والتذكر ، فكم هي السعادة التي يغتنمها اليوم ، الصحفي في تذكره لمحطات الرحلة وليس في مكان تواجده الآن ، فالفرح كله أثناء الوصول ، لتعود الذاكرة لمختلف فترات الرحلة مهما كانت مرهقة ومضنية .
تجربة الخمس سنوات لبرلماني سابق من نواب المجلس الشعبي الوطني ( الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري ) " لافتة ومتعرجة ومحفزة وصعبة أيضا " ، مشاعر مختلفة أثناء حديثه عن تجربته قبل 2012 ، والفترة التي أعقبت انتهاء العهدة النيابية ، حيث صار اليوم يراقب الفعل السياسي والساحة التي تغلي هنا وهناك ولكن من بعيد ، يراها من منظار علمي أو أكاديمي ومن زوايا متعددة ومختلفة ، لأن ترك مقاعد المجلس الشعبي الوطني ، وتوديع قبة البرلمان وعدم السعي للترشح مرة ثانية لم يكن سهلا بالنسبة له.
تحت قبة البرلمان شهد الصراعات والنقاشات والانبساط وعلامات الفوز بسن قوانين أو المصادقة على مشاريع أو رفضها والخوف من بعض القوانين ، إلا أن الحكم في يد الأغلبية بحكم قوانين المؤسسة التشريعية .
خارج قبة البرلمان ، رجع النائب السابق إلى مكانه الأول قبل الدخول إلى معترك السياسة بكل تناقضاتها من زنقاتها وشوارعها الضيقة وأحياءها المضيئة والواسعة وحتى طرقاتها المسدودة التي أحالته اليوم إلى العودة إلى الوراء وسلك نفس المسار الذي جاء منه، إلى مكانه الأول واختيار طريق جديد بعد خمس سنوات من التجربة "الجميلة " رغم كل ما لها وما عليها ، رجع إلى قاعات الدروس ومدرجات الجامعة ، إلى تصحيح أوراق الامتحانات وبحوث الطلبة :" مع السياسة ارتفع منسوب البحث ومقارعة الأحداث وارتفع معه غرور الإنسان ومع العطاء الأكاديمي زاد فضول الباحث عن الارتقاء والرقي في نظرته للواقع الجزائري ، من مقاعد المدرجات ، من خلال تساؤلات الطلبة ، من واقع يتسارع يوميا ، أحيانا لا يلحقه، وغالبا ما يجري وراءه ، قد تتكشف أمامه اليوم بعض الأخطاء التي وقع فيها خلال العهدة النيابية ، وبعض الزلات التي تخطاها في وقت مضى وبحذر كبير ، وفي قوانين لم يتمكن من افتكاكها من هيئة تشريعية شهدت زخما من النقاشات ، فكل ما يقال هنا وهناك عن النواب ، إلا أنه يقول بملء فمه :" لا يمكن أن نمسك سيف الحجاج في يد ونضغط على أزرار كمبيوتر بيد أخرى لنبعث برسالة تنديد واستنكار أو نفتخر بمنجزات أديناها لأبناء الجزائر العميقة في وظيفة أو موقعنا النيابي وقبضنا عليها أجرة " ..
قضى سنة كاملة عقب الخروج من باب البرلمان في جرد تجربته بإيجابياتها وسلبياتها ، عاد بذاكرته إلى ماقبل 2012 ، سنوات ظل يناضل في حزب قوي في الساحة السياسية الجزائرية ، كم هو صعب أن يتنحى عن السياسة أو يراقبها من بعيد ، بعدما " قدم كل ما لديه لفائدة أبناء الوطن " أو كما كان يعتقد بذلك الفعل النبيل ، من منبر يعتبر جسر عبور بين الشعب والحكومة ، كان ثقيل عليه أن يرجع إلى موقعه الأصلي الجامعة ، لكنها الباب الوحيد الذي لا يغلق على الآخر ، باب منفتح على كل التجاذبات الفكرية والسياسية وكم هو رائع بالنسبة إليه أن يتمكن من خوض تجربة جديدة ، فمهما كان ومهما عظمت الأخطاء فالبكاء على الماضي لا ينفع ، الأهم هو ماذا قدم كل شخص من منبره وأي منبر ؟.. الهيئة التشريعية ؟
فتيحة زماموش.
التعليقات