" التوفيق الصحيح هو التقاء الاستعداد الجيد بالفرصة الجيدة " الإعلامي فوزي بن جامع
قبل ثلاث سنوات ، شهدت القنوات الجزائرية الخاصة " طفرة " و" خطوة " لم تعرفها قنوات عربية وأجنبية، فالمؤسسات الإعلامية الكبرى تشتغل غالبا على " النجم الجاهز" ،" تخطفه خطفا " ، وتعيد قولبته حسب أجندتها الإدارية والإعلامية والإيديولوجية ، وتهتم بأدق التفاصيل التي تخرجه في هيئة مغايرة شكلا ومضمونا .
في الجزائر " الطفرة " أو الخطوة الجديرة بالاعتراف والاستحقاق ، تتمثل في خطوة أقدمت عليها القنوات التلفزيونية الخاصة منذ 2012 ، حيث اشتغلت على ما هو موجود من كوادر بشرية من المتخرجين حديثا من معاهد الإعلام والصحافة من ربوع الوطن ، الكثيرون منهم تم وضعهم في قطار انطلق بسرعة فائقة، لكن البعض منهم طلب أن يتوقف في محطة من المحطات بسبب عدم تمكنه من مواكبة المشروع الإعلامي لأسباب كثيرة ، بينما اللافت أن أكثرهم واصلوا السير ولو بأخطاء يراها اليوم بعض ممتهني الإعلام " فادحة " و" لا تغتفر " ، وكما يقال بالعامية عندنا " جوز برك " ، إلى حين .
من وجهة نظر صحفية ، فإن هؤلاء النجوم هم فعلا نجوم على صغر سنهم وتجربتهم وخبرتهم ، حيث اقتنصوا الفرصة التي أتيحت لهم ، ولا تمنح لأي كان عبثا ، وذلك يعبر عن ذكاء لديهم ، وإصرارهم على مواصلة المسير يعني أنه بإمكان القنوات الجزائرية أن تستفيد منهم في السنوات المقبلة وحتى وإن سمحت لهم الظروف لتجريب حظهم في الخارج سيكونون مفخرة للجزائر وقدوة لمن يريد أن يتعلم ويعتبر ، والأمثلة عن هؤلاء الشباب كثيرة .
من وجهة نظر صحفية، هؤلاء نجوم من زاوية الإصرار الذي يساوي حب العمل الإعلامي وذلك ما يفرض عليهم الانفراد بأنفسهم يوميا ويواجهونها باخطاءها ، ليحاولوا في اليوم الموالي تعديل ما يمكن تعديله .
من وجهة نظر صحفية ، هؤلاء النجوم يمكن أن " يأتي منهم " كما يقال في لغة الإعلام ، أي أن الكثيرون يحملون بذرة التطور السريع ، والتخصص أيضا فلا يمكن أن يتطور الإعلامي في واجهة الشاشة دون أن يتعب في تحسين مستواه سواء اللغوي أو المعرفي أو على مستوى المظهر ، خصوصا إن كان هذا النجم أو هذه النجمة تملك طاقة الالتزام والبحث عن التألق في عالم السمعي البصري وتحقيق حلم ما .
من وجهة نظر صحفية ، هؤلاء نجوم في الشاشات لأنهم مثل الصحفي في الجرائد ، يكتب مقالا وينشر اسمه اليوم ليعتقد أنه صار صحفيا لامعا بعد أن برز اسمه في الصفحة الأولى ، ليواجه في اليوم الموالي حقيقة مفادها " موضوعك في سلة المهملات وغير صالح للنشر " ، فأمامه حلول قليلة أهمها : أن يعيد النظر في الكتابة الصحفية وتعلمها ثم إتقانها ( وهذا ماجرى مع الكثيرين من ممتهني المهنة النبيلة ) أو الذبول والتقوقع والخوف ثم الاندثار ثم الزوال والإنسحاب.
من وجهة نظر صحفية ، هؤلاء نجوم بالفعل ، لأنهم تمكنوا من التعرض لضغوطات البدايات العصيبة ، وليس من السهل عليهم تعلم فنون الإعلام ، في جو ومحيط مليئ بالضغوطات والنقائص التي شهدها القطاع في بداياته ، نجوم لأنهم تمكنوا من تخطي العثرات والسقطات والأخطاء وما يقابلها من التوجيهات والتعليقات والانتقادات ، فلولا الزج بالصحفي في جو المهنة ، و في قطار المغامرة اليومية السريع دونما معرفة بعض العواقب والصعوبات التي ستواجهه أهمها تقنية ، ومعرفية لا يعلمها إلا من اشتغل في قاعة التحرير وغرف الأخبار ، ووجد " شفرة " أو " كود " الكفاءات " ، لما تم استقطاب العشرات من خريجي الجامعات ، وما يقابلها من تغطية الأحداث في معظم الولايات وفي المناطق المهمشة بالصوت والصورة وبأجندة جزائرية وليست خارجية .
من وجهة نظر صحفية ، الجميل في هذه الخطوة ، أنها منحت الفرص لوجوه وأسماء يمكنها أن تبدع في المستقبل وتقدم ما لم يقدمه الكثيرون ، وربما ستصنع هذه القنوات صحفيا عالميا يمكنه أن يعطي الأمل للآلاف بالقدرة على تحقيق أي حلم مهما كان كبيرا ، وكم من نجوم لازالت تنتظر " فرصة " لتضيء سماء الإعلام ، في أرض الله الواسعة .
فتيحة زماموش.
التعليقات