كثيرا ما طرح الزملاء في الإعلام السؤال التالي بإلحاح كبير :" لماذا الإعلام في الجزائر يتأرجح بين الفوضى والقيل والقال ؟ " النقاش يحتدم بين الكثيرين ممن يحاولون وضع الأصبع على الجرح ، وتقديم المبررات والأسباب ، حيث يتمسك البعض بفكرة تخلي الجيل السابق في الصحافة عن وظيفته وقطيعة بينه وبين جيل اليوم ، الجيل السابق وضع حواجز إسمنتية مع جيل اليوم ، بل وراح البعض في تلخيص مصيبة الإعلام الجزائري اليوم بعدم ترابط الجيلين ؟ بينما يوجه البعض أصابع الاتهام بأنها " صارت مهنة من لا مهنة له " ، أو كما يضعها البعض تحت مقصلة عنوان كبير :" دخلاء الصحافة " فيما يتحسر خريجو الإعلام الجدد من أنهم لم يغرفوا من تجارب صحافة تسعينيات القرن الماضي ولم يحظوا بمخالطة بعض الأقلام الإعلامية التي لازالت لليوم ترصع ألقابها بحروف من ذهب ، بينما يصف البعض الوضع وفصا قاسيا بالقول أن " المهنة صارت مهنة الشطارة أقفز لتحصل ".
من خلال هذا الحديث الذي فيه الكثير من الواقع ، في نظر الكثيرين ممن اشتغلوا في الصحافة الجزائرية قبل ربع قرن من الزمن تراكمات الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية التي عرفتها الجزائر ، بحيث يحاول البعض حصر مشكلة الإعلام اليوم تكمن في تملص مهنيي القطاع من مسؤولياتهم ، وأكثر من ذلك حيث لا يوجد من هو مستعد لتحمل المسؤولية المهنية في أي مؤسسة إعلامية ( مهنية وليس إدارية ) ، فالاستعداد لتحمل مسؤولية أن تشتغل صحفيا في الفترة الصباحية أو الليلية أو في قسم التحقيقات أو قسم البرامج التلفزيونية معناه :" أنك تضحي بالكثير لأجل الوصول إلى طموح ما ، وتجتهد بكل ما تملك إلى تحصيل هدف ما ، في النهاية الوصول إلى تحقيق حلم ما ، وبالمحصلة تحمل مسؤولية الدفاع عن حقوق وواجبات المهنة وهذا ما لا نجده اليوم في الميدان.
من خلال التجارب بمهنة الصحافة في الجزائر ، يتحدث المهنيون وأساتذة الإعلام في الجزائر عن سبيل واحد من أجل تجديد المهنة وتحصينها من الزلات والنكسات في معالجة الواقع الجزائر ، عن طريق غض الطرف عن ماضي الصحافة ومن كان لهم اليد في جعل المهنة على ما هي عليه في فوضى تقنية وأخلاقية وتشريعية والتعلم من أخطاءها السابقة ، كما يفترض في المهنيين اليوم في شتى الوسائط الإعلامية السيطرة على الظروف التي يمر بها الإعلام اليوم ،فسنة 2017 ليست سنة 2000 ولا سنة 1990 ، مطالبين بالتفكير في اتخاذ قرارات جذرية لتعزيز قطاع الإعلام بطريقة مختلفة تجنبه مسارات التيه وحتى يكون صحفي اليوم بطل الغد وليس ضحية.
فتيحة زماموش.
التعليقات