في وسط عاصفة الفضائح التي تهز قطاع الصحة، و بعيدا عن الفساد و الأخطبوط المافيوي الذي يعيث فيه فسادا تتجلى فسحة أمل يراد لها أن تردم في الفترة الأخيرة على وجه الخصوص أين طفت الى الواجهة عدد كبير من الفضائح التي ضلت مستترة في قاع دوامة المشاكل العاصفة بالبلد .
كنت معتادا في مختلف نقاشاتي على الدفاع عن الأطباء ممن يلتمس فيهم روح إنسانية غائبة في مجتمعنا ككل و ليس في ميدان الصحة فقط على الرغم من أني كنت أحد ضحاياه بفعل روح الإهمال و الخطأ في التشخيص في قطاعيه العام و الخاص ، مع كثير من الإنتقاد لواقع الصحة في الجزائر لأنه على الرغم من السلبيات يظل كثير من موظفي الصحة خاصة أولئك الذين يخطون أولى خطواتهم في سنوات خبرتهم المهنية يمتلكون حسا إنسانيا عاليا و روحا غائبة في مجتمعنا الذي يتضح جليا أنه آيل لإنهيار منظومته الأخلاقية .
و من الغريب أن يدافع ضحية عن "صاحب دعوته" لكن تعلمنا من سيرة نبينا و قرآن جبار السماوات و الأرض و من أساتذتنا و معلمينا و قدواتنا أن الحقيقة تظل كالشمس ساطعة لا تندثر، و هذا ما نسعى إليه فمثلما تعيش مهنة الطب مريضة بمنعدمي الضمير الإنساني و المهني كذلك تحترق الصحافة بمبتذليها و ممتهنيها الذين تنعدم فيهم القيم و المبادئ مقابل رضا الممولين و الموجهين لسياساتها التحريرية .
رغم كل الضغط و الظروف الوظيفية التي يعملون فيها ، و وقوع قطاع الصحة ككل القطاعات ضحية للصراع التسلطي و التجاري أين يدفع أهله الثمن غاليا دون إغفال موضوع نقص التكوين و الفوضوية التي تطغى على القطاع ، إلا أن صور إنسانية جميلة يصنعها الأطباء خاصة حواء التي يعرف عنها أنها ذات حس مرهف و عاطفة جياشة عكسنا نحن آدم اين نأبى أن نظهر لك العاطفة على الرغم من تجلي إنسانيتهم في كثير من المواقف .
كنت شاهدا الاسبوع المنصرم على واقعة في قسم الولادة و أمراض النساء بمستشفى بني مسوس على إثر إنهيار أحدهم بعد فاجعة فقدانه لإبنه في شهره الخامس الذي تلا صدمة بفقد ثان في اقل من سنة أين كان لا يعي ما يفعله و الدموع محبوسة في عينيه المنهكتان بتعب معركة الحياة التي انهكت كل بسطاء هذا الوطن الجريح، حينها لم تستطع الطبيبة المشرفة على زوجته الصمود بعد أكثر من 44 ساعة عمل متواصلة مثلما اسرّته لي في حديث جانبي معها ، و بدأت في الصراخ و البكاء و تأثرها الكبير مما يعانينه من ضغوطات و هي ترمي بمكنوناتها علنا : " كفى نحن ايضا بشر مثلكم نحس بما تحسون و لنا عائلات و لم نوجد في هذه الحياة دون أبوين ليأتي كل من يقصد المشفى ليشبعنا وابلا من الشتائم و الصراخ بسبب و دون سبب " و بعد أن هدأت أعصابها تحدثت إلى شقيق الأم في مظهر الشاكية من هذه الضغوطات " لقد فعلنا ما علينا و قمنا بما يلزم و تحدثت إلى طبيبتها المتابعة لحالتها و لو لا لطف الله لكنا فقدنا الام أو اضطررنا للتدخل الجراحي من أجل الحفاظ على حياتها " مردفا " 14 سنة دراسة ليأتي كل من هب و دب يصرخ و يشتم دون سبب فنحن لسنا لقطاء هنا و ليست الحادثة الأولى و كم من شخص فعلها من قبل خلال هذا اليوم لقد سئمنا ، و نحن جميعنا جزائريين لدينا "راس يابس" لكننا نضحي براحة بالنا من أجل صحة المريض "
و بين حادثة الزوج و حديثي الى الطبيبة المشرفة تجرات الطبيبة المساعدة تحمل مسؤولية الوضع الذي كاد يتفاقم بعد اللخبطة التي افتعلتها ادارة القسم و ادارة المشفى حيث تحدثت إلى زوج نزيلة المشفى التي تجلى خوفها من انتقام موظفي المشفى على إثر ما حدث و اهلها : " صحيح أن الأمر صعب عليكم لكن عسى أن يكون تقدير الله في ذلك خير لما قد يلي تحقق حلمكم بولادة الطفل لربما ولد مشوها أو أصاب الام مكروه.
في تلك اللحظات الحزينة التي امتزجت بالغضب الذي بدأ يختفي من ذلك الأسلوب الراقي المتشبع بإنسانية كبيرة و راقية : " بقيت أواسيها في مصابها و حاولت جاهدة التخفيف عنها و لقد حبست دموعي و أنا ارى ذلك الألم من خبر وفاة فلذة كبدها الذي لم ير النور و بقيت أنصت إليها بقلب مفتوح و حب اين استطعت أن استخلص الكثير عن حياتها حين فتحت لي قلبها " و ليست وحدها بل مع جميع المرضى أين مررت عليهن جميعا دون تمييز ،... لتطلق إنسانيتها صرخة مدوية و علامات التأثر بادية عليها " نحن مثلكم بشر لنا قلب نحس بما تحسون نتألم مثلما تتألمون فلا تدعوا ما يقال علينا في الصحافة التي تعمل على شيطنتنا تؤثر في صورتنا لديكم ".
في تلك اللحظات الحزينة التي امتزجت بالغضب الذي بدأ يختفي من ذلك الأسلوب الراقي المتشبع بإنسانية كبيرة و راقية : " بقيت أواسيها في مصابها و حاولت جاهدة التخفيف عنها و لقد حبست دموعي و أنا ارى ذلك الألم من خبر وفاة فلذة كبدها الذي لم ير النور و بقيت أنصت إليها بقلب مفتوح و حب اين استطعت أن استخلص الكثير عن حياتها حين فتحت لي قلبها " و ليست وحدها بل مع جميع المرضى أين مررت عليهن جميعا دون تمييز ،... لتطلق إنسانيتها صرخة مدوية و علامات التأثر بادية عليها " نحن مثلكم بشر لنا قلب نحس بما تحسون نتألم مثلما تتألمون فلا تدعوا ما يقال علينا في الصحافة التي تعمل على شيطنتنا تؤثر في صورتنا لديكم ".
فهذه صورة لوافر من إنسانية حواء الطبيبة و التي تتجلى في أسمى صورها الراقية في حوادث كثيرة في مختلف مؤسسات العاصمة الصحية .
محمد عيادي.
التعليقات