حرية الصحافة العالمية بين الضغط السياسي واللوبيات المالية

لطالما كان الاعلام بالنسبة للسياسيين، ورجال القرار والمال والاعمال في العالم، امرا لا يستهان به ويوضع بالبند العرض على رأس اجندات القوى السياسية والمالية في العالم، حتى اطلق على الصحافة اسم السلطة الرابعة، نظرا لما تلعبه من دور في التأثير على الرأي العام، بل وحتى توجيهه في بعض الأحيان، لما يخدم مصالح جهة معينة على حساب أخرى، ومع سيطرة النظام الرأسمالي على الساحة العالمية، اصبحت الصحف والمجلات والقنوات المختلفة، مجبرة على القتال و ايجاد حلول للمنافسة والبقاء وسط المنافسة الشديدة، فمنها من لجأت للابداع والمصداقية حتى تكتسب نوعا من المصداقية لدى جموع الجماهير الحرة والمجتمعات المدنية، ومنها من باعت اقلامها لمن يدفع اكثر حتى تستمر، فمثلا الواشنطن بوسط التي عرفت بأنها من اقوى الصحف الليبرالية الامريكية والتي طالما ساندت القضايا العادلة وتعرضت لضغوط رهيبة بسبب مواقفها من حرب الفيتنام والتدخل العسكري الامريكي في العراق، وكذا محليا بعد كشفها لقضية اجهزة التنصت داخل مقرات الحزب الجمهوري، ومعارضتها الشديدة لانتهاك الخصوصية الفردية من طرف السلطات الامنية الامريكية، بالتنصت والتجسس على الاتصالات وحسابات التواصل الاجتماعي، اصبحت منذ سنوات ملكا للملياردير مالك موقع امازون السيد جيف بيزوس، وهو ماطرح علامات استفاهم كثيرة حول ما إذا ستبقى الصحف والمجلات العالمية ذات المصداقية تسير على نفس منوال الكفاح والنضال القلمي، بعد اجتياحها من طرف عالم المال، هذا لا ينفي طبعا ان الصحافة لم تكن كاملة الحرية من قبل، فمثلا المعارض والناشط الامريكي وعالم اللغويات بجامعة ماساشوست الامريكية نعوم تسومسكي وضع نشرية كاملة سماها التحكم بالاعلام média control، بين فيها مدى التأثير الذي قامت به القوة الاعلامية على رأي الشعوب منذ الحرب الباردة، وكيفية تسييرها من طرف القوى السياسية، وقيامها ببروباغندا ممنهجة لخدمة ايديولوجية على حساب اخرى، لكنها كانت اقل نسبيا من زمننا الحاضر اين اصبحت الصحف شركات ربحية محضة تخضع لسلطة رأس المال.