في الوقت الذي يعقد
فيه مجلس الأمن جلسة مشاورات مغلقة لمناقشة التطورات في ليبيا، بعدما أخفق في
التوصل إلى اتفاق على مشروع قرار قدمته بريطانيا لوقف إطلاق النار في طرابلس ،
اتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصيا بالمشير خليفة حفتر لبحت رؤية
مشتركة حول المستقبل الديمقراطي لليبيا، مشيدا بالدور المهم لرجل الشرق
الليبي في مكافحة الإرهاب وضمان أمن الموارد النفطية في ليبيا حسب ما جاء في بيان
الرئاسة الأمريكية.
و
يطرح إعلان البيت الأبيض عن اتصال ترامب بالخليفة حفتر عدة تساؤلات وسط الساحة
الدبلوماسية، بشأن ما إذا كان ذلك إشارة عن حدوث تحول في الموقف الأمريكي
لقوله إن لديهما "رؤية مشتركة" لليبيا المستقبل، خاصة و إن و وزير
الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، كان قد صرح في وقت سابق من الشهر الجاري أن
الولايات المتحدة تعارض الهجوم
العسكري من قبل قوات حفتر وأن الإدارة تحث على ضرورة الوقف الفوري
للعمليات العسكرية ضد العاصمة الليبية.
وفي
أول تعليق لها قالت وزارة الدفاع الأمريكية على لسان نائب وزير الدفاع إن
"الحل العسكري ليس هو ما تحتاجه ليبيا في الوقت الحالي " و هو ما يتقارب
مع موقف وزير الخارجية الإيطالي إنزو ميلانيزي حيت أكد في مؤتمر صحافي
عقب اجتماعه مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، عدم وجود حل عسكري للقضايا السياسية المعقدة في ليبيا،و في الوقت نفسه، شدد الوزير الإيطالي على ضرورة وقف إطلاق
النار بليبيا في أسرع وقت ممكن، مركزا على تقارب الآراء بشكل تام بين روما
وباريس حول هذه المسألة، وفي تعليق له على اتصال الرئيس الأمريكي
بالخليفة حفتر وصف وزير الخارجية الايطالي إشادة ترامب بالدور المهم لقائد
الجيش الليبي في مكافحة الإرهاب بالمشروعة.
و
كانت روسيا قد رفضت الإشارة صراحة إلى قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في نص
القرار المقترح من بريطانيا ، و لأول مرة خلال المشاورات وقفت في صف واحد مع
الولايات المتحدة للمطالبة ببعض الوقت دون توضيح سبب ذلك لشركائهم، و أضافت الدول
الأفريقية الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن الدولي جنوب أفريقيا وساحل العاج وغينيا
الاستوائية أصواتها إلى التحفظات الأميركية والروسية على عملية التفاوض.
و
يوضح ما يحصل في ليبيا الخطوط العريضة للعبة الدولية و السياسة الخارجية
للقوى الكبرى بحيث تبدو واشنطن وموسكو في اتفاق حول مواقف واحد بخصوص القضية
الليبية، مخالفين بدلك مبادئ هيئة الأمم المتحدة خاصة مبدأ احترام القرارات و
التوصيات الصادرة عن أجهزة هيئة الأمم المتحدة، ومجازفين بتهميش دورها في حل
القضية الليبية.
و
يربط محللون بين اتصال ترامب بالخليفة حفتر والإشادة به و بين تصميمه على مواصلة
هجومه للسيطرة على العاصمة طرابلس فالرجل يحظى بالدعم الأمريكي على حساب رئيس
الحكومة المعترف بها دوليا، فايز السراج، رغم اعتراف المجتمع الدولي به كسلطة
شرعية وحيدة لليبيا عقب اجتماع الصخيرات بالمغرب عام 2015 .
وفي
توازن القوى بين حفتر و السراج ، يحظى المشير بدعم مصر والسعودية والإمارات
العربية المتحدة وروسيا والولايات المتحدة الدولة التي لجأ إليها حفتر واستقر
بها حتى أصبح من مواطنيها، إذ تبين السجلات الرسمية مشاركته في انتخابات 2008
و2009 في فرجينيا، و بالمقابل تدعم تركيا و قطر فايز السراج الذي يتمتع
بالاعتراف الدولي والأممي ليترأسه حكومة وفاق وطني تحظى بالشرعية الدولية.
و
تؤكد مواقف الدول حيال القضية الليبية تجاربها السابقة مع الربيع العربي، بحيث
تجنح القوى العظمى دائما رفقة بعض الدول العربية القوية اقتصاديا الى دعم الثورات
المضادة بشكل مباشر أوغير مباشر.
نسريـــن جــعفــر
التعليقات